أسعد أبو خليل
الجمعة 27 كانون الأول 2024
عن لقاء وبثّت شبكة «سي. بي. إس» الأميركيّة برنامج «ستون دقيقة» وفيه تقريرٌ عن تفجيرات الموساد لأجهزة اتّصال «حزب الله». البرنامج كان في بداياته (أواخر الستينيات والسبعينيّات) استقصائيّاً، لكنّه كان يخضع للمصالح التجارية للشبكة الأُم (أوقف تقريراً مثلاً عن فساد شركات التبغ). البرنامج كان من أُول البرامج في نِسب المُشاهدة لسنوات؛ بفضل نجمه المُفضّل مايك والاس. والاس يهودي نشأ على الصهيونيّة، لكنّه في بداياته (عندما قدّمَ برنامج «أحاديث في نيويورك») تعرّفَ في أواخر الخمسينيّات إلى الكاتب الفلسطيني فايز صايغ، وتصادقا. ويعترف والاس في مذكّراته أنّه تأثّرَ بمواقف صايغ عن القضيّة. وبالفعل، فإنّ تقارير والاس كانت الأكثر جرأةً عن إسرائيل في الشبكات الأميركيّة (ودَعَمَه في ذلك المُنتج المؤسّس دون هيوات، وهو يهودي أيضاً). ليزلي ستال صحافيّة مخضرمة ومراسلة للبرنامج وهي معروفة بتعصّبها للصهيونيّة. برنامج الأحد الماضي تناولَ شهادة عميلَيْن للموساد أدارا تفخيخ أجهزة اتّصالات الحزب. لم يكن في التقرير أيّ عمل استقصائيّ مستقلّ مِن قِبل البرنامج. لا، جلس العميلان (متنكّرَيْن صوتاً وصورة) على كرسي، وطفقا يُطلقان مزاعمِهما من دون أيّ تحقّق، أي من دون حدٍّ أدنى من المهنيّة والحِرفيّة. ليس من جديد في التقرير غير التبجّح الإسرائيلي المعتاد، إضافة إلى تلميحات لبثّ التخويف في صفّ المقاومة. الأشنع أنّ وسائل الإعلام اللّبنانيّة («الجديد» و«ميغافون» و«درج») نشرت تقارير عن التقرير من دون مساءلة أو تحقّق أو تشكيك مستقلّ. على العكس: كلّ هذه المحطّات عنونت: «60 دقيقة تكشف»، بينما يجب استعمال كلمة «زعم» خصوصاً أنّ البرنامج نقل مزاعم للموساد بلا كيف. «الجديد» ذهبت أبعد من ذلك، إذ قالت: «الموساد يكشف» بالحرف. هذا العنوان يفترض أنّ الموساد لا يقول إلّا الحقيقة وإنّه يصلح مصدراً غيرَ مشكوك فيه للحقائق عن بلادنا. بالنسبة إلى «الجديد»: عند الموساد لا عند جُهينة الخبر اليقين. اعترف نصر الله في خطابه الأخير بإنجازات الموساد. لكنّنا في حرب دامت أكثر من قرن وهي جولات وصولات. العدوّ يتقدّم تكنولوجيّاً وعسكريّاً، لكنّه يتخلّف باطّراد في الشجاعة القتاليّة لخصومه في فلسطين ولبنان.